عن أسامة بن زيد قال قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من
الشهور ما تصوم من شعبان قال ( ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب
ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا
صائم)
.
لماذا كان يكثر الصوم في شعبان؟ يجيب العلماء عن ذلك
بجوابين: الجواب الأول: وهو جواب الجمهور قالوا: قد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه
قال: ( هذا شهر يغفل الناس عنه ما بين رجب ورمضان )، يعلق على هذا بعض العلماء
ويقول: أي: أن الناس كانوا يهتمون بصوم رجب، ويهملون شعبان، ويصومون رمضان، إذاً:
صوم رجب مندوب إليه، وكان معلوماً لديهم، وهناك من السلف من كان يصوم شهر رجب
وشعبان ورمضان، والبعض كان يكره ذلك؛ لأن فيه تشبيهاً لها برمضان، ويقول: يستحب أن
يفطر من كلٍ من رجب، ومن شعبان بعض الأيام حتى لا يحاكي بهما رمضان، أما الجواب
الثاني: فهو عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: كان ربما يجتمع عليه صلى الله
عليه وسلم صيام الثلاثة الأيام من كل شهر؛ لأن صوم ثلاثة أيام من كل شهر من
المندوبات، كما في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: ( أوصاني خليلي بثلاث: صيام
ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وألا أنام حتى أوتر )، فصوم ثلاثة أيام تقول
عائشة رضي الله تعالى عنها: ربما شغل عنها بسفر، أو بمشاغل أخرى فتتراكم عليه هذه
الأيام الثلاثيات فكان يصومها في شعبان..
وهناك جواب ثالث وهو: أن زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن كنَّ من أدركتها الدورة منهن في رمضان تفطر، ثم تؤخر قضاء أيام رمضان إلى أن يأتي شعبان، فيصمن ويقضين ما عليهن من رمضان في شعبان، فكان يصوم معهن إرفاقاً بهن، وقد جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: كنت يكون عليَّ القضاء من رمضان فلا أتمكن من قضائه إلا في شعبان لكثرة ما يصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعله كان يصوم أكثر شعبان حتى يعطي الفرصة لزوجاته أن يصمن ويقضين ما عليهن من عدة أيام من رمضان، والله تعالى أعلم.
كتاب شرح بلوغ المرام للشيخ عطية